احمد غازي Admin
عدد المساهمات : 99
تاريخ الميلاد : 03/12/1969 تاريخ التسجيل : 23/07/2010 54 الموقع : السعوديه \جده رايق
| موضوع: بخيتة السبت يوليو 24, 2010 9:20 am | |
| عنوان لقصة آسرة جداً كتبها في منتدى الحفير صديقي " عبدالمنعم فرحان " الواقعة شدتني لحد بعيد - ولأن القدح واحد فقد أحببت مشاركتكم روعة الحدث وجمال النقل وشفافية اللحظة .
قوين تودع بخيتةفي صباح يوم ربيعي جميل ومع خيوط الشمس الذهبية التي تتسلل من بين سعف النخيل شرق بيوتنا .. الحاج عبد الله مصطفى يجلس على العنقريب الصغير أمام دكانه وقد وضع نظارته الطبية السميكة ويطالع في كتاب عتيق جفت أوراقه من القدم .
وقف باص ود أبو زيد شمال السبيل .. وتجمع نسوي كبير وبكاء ودموع .. وثمة طفلة تقطع نياط القلب ببكاءها وهي متعلقة بثياب ( بخيتة ) . بتول ومرمر والمرحومة شامة عبد الله ، شاركن والدة الطفلة بكاءها وكذلك فعلت نساء أخريات من نساء الحلة الفوق .
صديق ( مساعد ود أبوزيد) ومعه البانجوز جالسين على سطح الباص يشاهدون المنظر الأليم في دهشة ..
مالذي يجعل هذه الطفلة تتعلق ببخيتة بهذه الطريقة الهستيرية ؟
وما الذي يجعل هؤلاء النسوة يبكين بهذه الحرقة ؟
ود أبوزيد ومن هول المنظر لم يستعمل البوري ولم يستعجل كعادته وأمد حبال الصبر تقديراً لهذا الموقف المدهش .
الحجة ( نيمة ) قليلاً ما تذرف الدموع فقد كانت إمرأة صلبة .. لم تستطع الصمود أمام هذا المنظر ... فأطلقت العنان لدموعها ...
وأكاد أجزم بأن الحاج عبد الله في جلسته تلك لم يكبح جماح دموعه ..
الحاج سيد أحمد .. الذي ما كان يسمح للنساء بالإقتراب أو التجمع في موقف الباص في مثل هذه المناسبات ، رأيته يمسح بشاله دمعة سالت من عينه ويخشى أن يراها أحد .
أما محجوب فلم يخفيها أبداً وكل ما فعله أن دخل إلى المسجد وجلس على العنقريب الكبير المنسوج من الجلد وجريد النخل يتلو آيات من القرآن الكريم بصوته الآسر الجميل .
محي الدين يردد ( يلا مع السلامة يا جماعة ) ( يلا يا بخيتة أركبي ) .. ولكن مازالت بخيتة تنتقل من حضن إمرأة إلى أخرى وهي تبكي بحرقة تبادلها النسوة نفس المشاعر الدافقة .
ونحن مجموعة من الأطفال نقف حفايا على دكة السبيل نشاهد المنظر مشدوهين .. فقد كان منظر الوداع والسفر مألوفاً .. ولكن هذه المرة .. الإختلاف في الشخص المسافر .. وفي كمية الدموع التي سالت ..
( بخيتة ) فتاة هدندوية .. تعمل منذ سنوات طويلة مع عائلة الأستاذ محي الدين وجاءت معهم من بورتسودان وعاشرت نساء وبنات قوين وأصبحت بنتاً من بناتها ..
لم ينظر إليها أحد إلا على ذلك .. فقوين كانت ومازالت على الفطرة لا فرق بين خادم ومخدوم ..
وها قد ناداها نصيبها .. أتصل أهلها يطلبونها للزواج .. فغادرت مكرهة .. وها هو ذا الأستاذ بنفسه مسافر معها لتسليمها لأهلها معززة مكرمة فهو لم يعاملها إلا كما يعامل بناته ..
أما عبد الله ( أو أدالا كما كانوا يدللونه )... فقد كان في ذلك التاريخ .. مازال حلماً في خاطر والديه وجميع أهل قوين الذين أنتظروا قدومه بأكف مرفوعة للسماء فأستجاب الله لدعاءهم .. | |
|